الثالوث المدمر في مصر (1)
يطفو على سطح الأحداث في مصر وواقعها عوامل تدمير متعددة أشدها داخل المجتمع المصري وليس خارجها، لأن أي عامل تخريبي خارجي مهما كان مصدره إذا قابله وعي جماهيري ناضج وتماسُك متين للجبهة الداخلية سرعان ما يذهب هذا العامل أدراج الرياح، وسواء كانت هذه العوامل الخارجية من دول استعمارية تقليدية معروفة على غير ملتنا أو من دول استعمارية جديدة تنتسب للإسلام أو العروبة، إذن عوامل التدميرمن الشيعة في إيران أو لبنان أو من حماس أو غيرهم من خارج حدود مصر لا يمثل شيئًا يُذكر أمام عوامل التدمير الداخلية من مصريين مسلمين يحملون توجهات خارجية سواء باسم العلمانية والديموقراطية أو باسم الدين والعروبة، فالجامع المشترك لهؤلاء جميعًا ينحصر في زعزعة الأمن والاستقرار وإضعاف شوكة النظام المصري وإحداث قلاقل داخلية من حين لآخر عسى أن تنجح إحداها في السطو على الحكم، كما أن هذه القلاقل تمثل عبئًا أمنيًا لا ينتهي بل يتزايد مما يؤثر على التركيز التنموي التي تسعى إليه الحكومة، والذي يعنيني في هذا المقال هو الحديث عن ثلاثة عوامل تدميرية معينة وليس كل العوامل، فالشرح في ذلك يطول، فأما العامل الأول هو الإخوان المسلمين والثاني الشيعة والثالث حركة حماس وحول ذلك أقول:
أولًا: قد يتسغرب عموم القراء من اعتبار الإخوان المسلمين أحد عوامل التدمير في مصر وهم الذين ينادون بالإسلام ومحاربة الفساد وهم الذين قدموا المجاهدين وامتلأت بهم المعتقلات...إلخ من عبارات الإشادة والتبجيل حتى بات من النظام من يتعاطف مع دعوة الإخوان المسلمين وينخدع بهم، بل أُعطي الإخوان المسلمين مساحات إعلامية رسمية وأهلية ليتحدثوا بمفردهم دون اتجاه مضاد يكشف زيف ما يدعون إليه بمعايير شرعية وليس بمعايير علمانية ليبرالية ساعدت على تنامي شوكتهم التخريبية التدميرية.
إنني أطالب ومنذ سنوات أن يفسح مجال لمخاطبة الناس بالمفاهيم الشرعية الصحيحة لوقف المداد الإخواني وغيره من الاتجاهات التي تتربص بالنظام في مصر، ولعل من بيدهم الأمر يخشون من تنامي تيار ديني أقوى من تيار الإخوان وبالتالي يخرج النظام من ورطة إلى ورطة أكبر، وفي الحقيقة أن هذا الزعم وهذا الظن ليس بصحيح وإنما الدولة والنظام في مصر في حاجة إلى توعية دينية رشيدة وقوية تُصحح كثيرًا من المفاهيم المغلوطة والتي تملأ الساحة المصرية، وفي نفس الوقت لا تخرج هذه التوعية على إطار النظام القائم وفق تحقيق المصالح ودرئ المفاسد، ولعل من النظام من يزين للنظام أن المؤسسة الأزهرية تكفي لهذا الأمر، ولكن الواقع يشهد بأن الأزهر بكيانه وجامعته ومنابره لم يستطع مكافحة التيار الإخواني والشيعي؛ لا لشئ إلا لأن المؤسسة الأزهرية تترعع فيها فعلًا المفاهيم الإخوانية والدعوات الشيعية، والقول بغير ذلك فيه مغالطات كثيرة وكما قلت سابقًا وفي أكثر من مقال ليس بين أيدينا وثيقة معتمدة من المؤسسة الأزهرية تفند الفكر الإخواني بالأدلة الشرعية الواضحة اللهم إلا الوثيقة الوحيدة التي كتبها رئيس لجنة الفتوى السابق بالأزهر الشيخ عبد اللطيف السبكي سنة1966 في نقده لكتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب وحتى هذه الوثيقة لم تأخذ حقها من التداول والنشر ولو داخل المؤسسة الأزهرية وجامعتها، والأدلة العملية على ذلك كثيرة منها ما ذكرته الآن، ومنها ما سبق وحدث وتكرر من مشاهد التجمعات الإخوانية الأزهرية وما أحدثوه من قلاقل واضطرابات فما المليشيات الملثمة عنّا ببعيد، وكلامي ليس للحط من قيمة الأزهر تجاه هذه القضية وإنما القصد هو أن نعترف بالقصور في هذا الجانب وجوانب أخرى، فلابد من التحرك العلمي المخلص وتدارك الأمر بدراسات شرعية موثقة وخطاب ديني صحيح ليس القصد منه المنافحة عن النظام فحسب وإنما القصد هو تجلية المفاهيم الدينية الصحيحة، وقد يعمد البعض إلى تسويغ مزيد من الحريات والعلمنة وإعطاء مساحات واسعة للهو واللعب والفنون والطرب لمقاومة أو تقليل شعبية الإخوان، وفي الحقيقة أن هذا المسلك لا يزيد من شعبية الإخوان فحسب بل ويزيد من كل القيادات الدينية المتشددة؛ إنني أدعوا إلى وسطية شرعية في الأمور كلها، فكما أن الغلو في الدين أهم عوامل التدمير كذلك الغلو في العبث واللهو أحد عوامل التدمير بلا شك.
فالإخوان المسلمون ما تركوا سبيلًا ضد النظام في مصر إلا سلكوه داخليًا وخارجيًا، فأفسدوا غاية الإفساد وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يحسبونه لهم وهو عليهم، لكن من الذي يُبَيِّنُ هذا حتى ينفض الناس من حولهم وتخمد فتنتهم وفتن غيرهم ممن ساروا على دربهم.
ثانيًا: الشيعة الجعفرية الرافضية الإمامية الاثنى عشرية الإيرانية الفارسية ثم اللبنانية، هم ثاني الثلاثة يمثلون خطرًا على مصر ليس هم في ذاتهم وإنما بالترويج لهم من أبناء جلدتنا في مصر، فالعقيدة الشيعية والفكر الشيعي عمومًا أوهن من بيت العنكبوت وسهلٌ إخمادُه وردُّه وتقويضُه لو سكت مشايخ الغفلة أصحاب العمائم الذين يُحَرِّفون الكلم عن مواضعه، إن المشايخ - إيًّا كان انتماؤهم - الذين يُرَوِّجون للفكر الشيعي بزعم كاذب أو ساذج أو فاجر - كل بحسب نيته - أن الخلاف مع الشيعة خلاف فرعي وليس خلافًا أصوليًّا هؤلاء ينبغي تقديمهم للمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى من حيث خيانة صحيح الدين ذاته، ومن حيث خيانة الوطن، حيث ثبت بالدليل القاطع عداوة النظام الشيعي في إيران وأذنابه في لبنان لمصر ونظامها، فالترويج للشيعة تشجيع للتشيع في مصر؛ مما يُسَهِّلُ تجنيدَ عناصرَ مصريةٍ تحقق أهدافًا للشيعة فارسية بزعم أن الشيعة كالمذاهب الأربعة عند أهل السنَّة وهذا من الفجر بمكان.
ولقد طالبت وناديت من قبل ومنذ سنوات أن ألتقي بأكبر من يرفع شعارات التشيع أو التهوين بشأن الشيعة، ولكن للأسف لا منادٍ ولا مجيب، أريد أي عمامة أزهرية تتبنى هذا النهج المدمر لأثبت له بالأدلة القطعية النقلية والعقلية مخالفة الشيعة اللبنانية الإيرانية الفارسية لأصول دين الإسلام وعداوتهم الشرسة وخطورتهم على الناس في الدين وفي الدنيا سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا وجميع مناحي الحياة ومن ثم نحذر من خطورة التطبيع مع إيران.
وللحديث بقية
الشيخ محمود عامر |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق