مصر بين التطرف الديني والتطرف العلماني
1
1
يونيو 2010 بواسطة الشيخ محمود عامر
بسم
الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
مصر
بين التطرف الديني والتطرف العلماني (1)
لا
شك أننا نعيش في مصر في حالة حراك متعدد الجوانب منها ما هو ديني ومنها ما هو سياسي
ومنها ما هو اقتصادي ومنها ما هو اجتماعي وتعليمي بل امتد الحراك إلى حراك رياضي وفني
شهدته مصر خلال فرقها القومية وفرق الأندية ، ومن هنا كانت خطورة هذه المرحلة لأنها
تمثل نقطة ارتكاز للمستقبل وبالتالي إن أحسنّا صنعًا في هذه المرحلة وكنا على مستوي
المسئولية في الدنيا والآخرة من تحقق لما نرجوه من تحسين للمستقبل ، فهل الجميع على
اختلاف مشاربهم على مستوى هذه المسئولية ؟ أرجو من الله ذلك .
وبعد
هذه المقدمة المختصرة أحب أن ألفت الأنظار لبعض الأمور لعل وعسي تنفع وإن لم تنفع فلن
تضر :-
أولاً
: توجد ظاهرة تطرف وإرهاب في مصر ولا يشك عاقل في ذلك ولكن ليست الظاهرة تطرفًا دينيًا
فحسب كما تعود الناس أن يسمعوا إذا ذكر لفظ التطرف بل التطرف الديني أحد أخطر هذه الظاهرة
، فبجانب التطرف الديني المتمثل في منازعة ولاة الأمر واستخدام أساليب العنف والإرهاب
سواء كانت الانطلاقة من المسجد أو الكنيسة ، إنني أتكلم عن تطرف ديني أيًا كان الدين
.
فمن
الحكمة أن يتدخل أهل الحل والعقد من ولاة الأمر لدراسة هذه الظاهرة والبحث عن الأساليب
المناسبة لخلخلة هذا التطرف حتى لا يتفاقم الأمر فنستيقظ على فتنة عارمة يهلك فيها
الحرث والنسل .
ثانيًا
: سأختصر الكلام بحكم التخصص المحدود عن التطرف الديني في بعض المسلمين أما التطرف
الكنسي عند بعض غير المسلمين فليس مجال تخصصي بل فقط أشير فيه إلى مظاهر غريبة طفت
على سطح المجتمع المصري من تظاهرات واعتصامات وتنديدات في بعض الكنائس بجانب مؤتمرات
خارجية لبعض الأقباط فيها تشويه لصورة مصر حكومة وشعبًا بل واستعداء بعض القوي الخارجية
ضد مصر ولا شك أن هذا من مظاهر التطرف الذي ينبغي علينا دراسة ومعالجته بالحكمة .
أما
التطرف الموجود في بعض المسلمين فسببه الرئيسي الجهل بعقيدة أهل السنة والجماعة ويلاحظ
هذا الاصطلاح المكتوب [ أهل السنة والجماعة ] أي أن الناطقون بكلمة التوحيد والمستقبلون
للقبلة لا بد أن ينخرطوا في جماعة عامة واحدة تحت إمرة سلطان أي حاكم واحد جاء للحكم
بالبيعة والاختيار أو جاء بالغلبة والاستقرار ودانت له مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية
ظالمًا كان أم عادلاً فالواجب شرعًا السمع والطاعة له في المعروف وعدم الخروج عليه
أو منازعته وإن صدر منه ما يكرهه الناس بالدليل الشرعي فما على المسلمين إلا مناصحته
بالأدب واللين والحكمة بما يناسب هيبة السلطان حفاظًا على الاستقرار العام والدعاء
له بظهر الغيب فما أخطه هنا هو عقيدة الإسلام في هذه المسألة واتحدي أي عالم يقول بخلاف
ما ذكرت .
ولعل
القارئ يسأل : أن يُسمع ويُطاع للحاكم العادل والذي جاء للحكم بالبيعة والاختيار فمقبول
فما بال القول بالسمع والطاعة للحاكم الجائر وإن جاء للحكم بالغلبة ؟ فأجيب على هذا
التساؤل الهام بأن الأدلة الشرعية الكثيرة والمتعددة أصلت عند أهل السنة والجماعة هذه
القاعدة لحكمة بالغة ألا وهي درء مفاسد الخروج على الحكام ، والمقرر عندهم درء المفسدة
مقدم على جلب المصحة ، فمنازعة الحاكم والخروج عليه تداعياته كثيرة ومفاسده أعظم منها
سفك الدماء وضعف الأوطان وتسلط الأعداء وانتهاك الحرمات فكان الصبر على الظلم إن وجد
أهون بكثير من معارك أهلية يُحمل فيها السلاح ولنا في الواقع المشاهد أبلغ حجة لمن
لا يعقل هذا المعني ، فالعراق الآن لا يعرف له كبير مطاع وظلم صدّام كان أرحم بكثير
على العراقيين من الأحداث المؤسفة والتي لا يُعرف متى تنتهي وعلى أي حال وكيف سيكون
مصير العراق ، وعمومًا إحفظوا ذلك مني [ نار صدّام ولا جنة الشيعة ] والأيام بيننا
!!!!
والسودان
على حافة الهاوية من التقسيم الرباعي شمال وجنوب وشرق وغرب كل ذلك بسب إضعاف شوكة ولاة
الأمر هناك بواسطة ما يسمي بالمعارضة التي تستدعي القوي الخارجية على بلادها ولا أريد
أن أخوض في أحداث الصومال والجزائر وأفغانستان كل مصائب هذه البلاد كان من خلال عدم
تأصيل ما ذكرته من عقيدة أهل السنة والجماعة .
وأنا
هنا لا أعفي الحكام من المسئولية ولكني أنبه على ما هو أخطر ومن العجيب رغم كثرة الفضائيات
الإسلامية وكثرة البرامج الدينية إلا أن هذه القاعدة الإسلامية والمبدأ الإسلامي الهام
لا يتحدث فيه أحد بالتفصيل رغم المفاسد التي نشاهدها من جراء تجاهل هذه القاعدة وكأن
هؤلاء جميعًا اجتمعوا على منازعة الحكّام إما صراحة أو تلميحًا أو سكوتًا أو رضاءً
بما هو قائم سواء كانوا دعاة رسميين أو دعاة مشهورين وإلا بالله عليكم أين كلام المؤسسة
الرسمية الدعوية في هذا الشأن وأين عمرو خالد صاحب الصيت اللامع وأين أصحاب اللحى وأدعياء
السنة فيما ذكرته من خلال برامجهم التي كثرت وعمت وهنا أراني مضطرًا أن أقص هذه القصة
التي وقعت وأنا طرف فيها .
كنت
في زيارة مسئول مهم ومحترم وقال يا شيخ / محمود الشيخ ” محمد حسان” يقول بما تقول بعدم جواز الخروج على الحاكم فقلت
هذا جيد أن يقـول ” محمد حسان ” أحد مشاهير الدعاة عبر الفضائيات والشرائط لكن الأجود
والأصدق والأحكم والأعلم أن يخرج محمد حسان وصاحباه ” محمد حسين يعقوب وأبو إسحاق الحويني
” على ملأ من الفضائيات وليس مرة أو مرتين بل مرات عديدة تأصيلا وتقعيدًا أن إمام مصر
وأميرها الذي يُسمع ويطاع في المعروف ولا يجوز الخروج عليه هو الإمام ” محمد حسني مبارك
” وأن كل من خرج عليه ومات وهو خارج فميتته ميتة جاهلية وهو من الخوارج فسكت المسئول
المحترم متبسمًا !!!!!
إن
الذي لا يعرفه الكثير السكوت على هذه المفاهيم هو الذي يبقي على فتنة الخروج المسلح
والساكت إما جاهل أو مستضعف يربي الأتباع لحين قوة تؤهله للخروج ومن هنا كانت الحلول
العلمانية لملف التطرف الديني لا تجدي بل تزيد التطرف تطرفًا لأن العلمانيين في نظر
المتطرفين كّفار فمهما تكلموا فهم أهل تهمة حتى عند العوام فلا يفل حديد المتطرفين
إلا عقيدة السنة وأهلها.
وللحديث
بقية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق